كثرة رواية أبي هريرة عن بقية الصحابة
لأسباب معقولة وهي : ملازمته التامة للرسول صلى الله عليه وسلم منذ أن أسلم .ولهذا قال أبو هريرة: إنكم تزعمون أن أبا هريرة يكثر الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والله الموعد إني كنت أمرأً مسكيناً أصحب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ملء بطني وكان المهاجرين يشغلهم الصفق بالأسواق وكانت الأنصار يشغلهم القيام على أموالهم فحضرت من النبي صلى الله عليه وسلم مجلساً فقال: " من يبسط رداءه حتى أقضى مقالتي ثم يقبضه إليه فلن ينسى شيئاً سمعه مني؟ " فبسطت بردة علي حتى قضى حديثه ثم قبضتها إلي فوالذي نفسي بيده ما نسيت شيئاً سمعته منه بعد.وقال أيضا : " قدمت ورسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر وأنا يومئذ قد زدت على الثلاثين فأقمت معه حتى مات أدور معه في بيوت نسائه وأخدمه وأغزو معه وأحج فكنت أعلم الناس بحديثه وقد والله سبقني قوم بصحبته فكانوا يعرفون لزومي له فيسألونني عن حديثه منهم عمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير ولا والله لا يخفى علي كل حديث كان بالمدينة وكل من كانت له من رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلة" ومن أسباب كثرة روايته أيضا رضي الله عنه استدراكه ما فاته من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم من خلال ملازمته الصحابة وسؤاله لهم حتى استوفى ما فاته من الحديث في العهد المكي وما كان قبل إسلامه ، بل نجده يروي عن جميع طبقات الصحابة كبارهم وصغارهم وعن بعض التابعين الثقات الذين تلقوا عن الصحابة ، مما يدل على شدة حرصه على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وجمعه له جمعا بالغا مستمرا منذ إسلامه وبعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم .أضف إلى هذا ما كان يتمتع به من ذاكرة قوية كانت من آثار بركة النبي صلى الله عليه وسلم ودعاءه له حتى كان لا ينسى شيئا مما يسمعه .كل هذه أسباب تجعله مدركا لكثير من أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله ، بل يجعل من الغريب أن لا يتميز أبو هريرة بكثرة الرواية بعد أن توفرت له جميع هذه الأسباب والصفات المعينة على الحفظ والرواية .وأما قلة رواية أبي بكر بالنسبة لروايات غيره من الصحابة فضلا عن أبي هريرة فسببها أنه لم يبق بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم إلا سنتين توفي بعدهما ، وكان أثناءهما منشغلا بحرب المرتدين وتنظيما أمور المسلمين ، مع أمره بجمع القرآن الكريم ومتابعته لذلك ، ولو طال به العمر لكثرت الرواية عنه فليس هناك من يفوقه ملازمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم منذ البعثة إلى الوفاة صلى الله عليه وسلم ، ولهذا نجد أحاديث الصحابة الذين تأخرت بهم الوفاة تفوق أحاديث من توفي مبكرا بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو أمر طبيعي جدا ، وكان الصحابة رغم ذلك يحفظون ما يفوت غيرهم التحديث به والإخبار عنه وهذا من حفظ الدين الذي تكفل الله به في حفظه وحيه عن كل ما يعرض لسلامته لفظا ومعنى .هذا ، وقد عاش أبو هريرة رضي الله عنه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وبعد خلافة أبي بكر وعمر وما توفي إلا في سنة 57 هــ ، أي أنه بقي 46 سنة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فكثر الآخذون منه والرواة عنه حتى قيل أن عدد الرواة عنه من الصحابة ومن بعدهم قد جاوز الثمانمئة رجل .كما أننا نجد أن كثيرا من الأحاديث التي ثبتت روايتها عن أبي هريرة رضي الله عنه قد رويت عن غيره من الصحابة بما يتوافق مع روايته ويتطابق معها ، مما يؤكد شدة حفظه وإتقانه لما سمعه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى صار من بديهيات علم التاريخ والحديث أن يوصف هذا الصحابي الجليل بأنه راوية الإسلام .وهذا التميز الذي حظي به أبا هريرة جر عليه عداوة الكافرين والزنادقة له ، فراموا هدم الدين والطعن فيه بالقدح في هذا الصحابي الجليل ، مصداقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم فيه وفي أمه حين أسلمت : " " اللهم، حبب عبيدك هذا وأمه إلى عبادك المؤمنين، وحببهم إليهما "فلا يحب أبا هريرة إلا المؤمنون ، ولا يبغضه إلا الكافرون والمنافقون ومن في قلوبهم دغل وزغل .وعليك أخي بمطالعة ما جاء في هذه الروابط للأهمية ، فتفرغ لقراءتها وتمعن فيما جاء فيها