الرد على النصارى حول موضوع ميراث المرأة وذكر حالات ترث فيها المرأة أكثر من الرجل
إلى الذين يستغلون قضية الميراث في الإسلام المرأة ترث أكثر من الرجل في حالات كثيرةد. زينب رضوانالشريعة الإسلامية ميزت المرأة على الرجل في كثير من قضايا الميراث.. فكما أن حكما واحداً أعطى للرجل ضعف الأنثيين في مواضع كثيرة أعطى ميراثا متساوياً، وفي مواضع أخرى أرثها ضعفه.. بل وفي بعض المواضع جعلها ترث وحدها.. ولهذا الذين استغلوا حكاية الميراث في الإسلام لإثبات أنه ميز الرجل على المرأة يجهلون الشريعة ولا يعرفون الإسلام.. أو يعرفون ويقصدون الإساءة للإسلام. جاء ذلك في توضيح الدكتورة زينب رضوان، أستاذ الفلسفة الإسلامية بجامعة القاهرة، وعضو مجلس الشعب، وعضو المجلس القومي للمرأة.. لحقيقة وضع المرأة المسلمة في الميراث.# للمرأة نصف حق الرجل في الميراث في حالة واحدة ونصيب المرأة في الميراث أكثر من الرجال في بعض الحالات ومساو للرجل في حالات أخرى.# هناك حالات يرث الرجل ضعف المرأة وحالات ترث فيها المرأة مثل الرجل.# وهناك حالات ترث فيها المرأة أكثر من الرجل وحالات ترث فيها المرأة ولا يرث الرجل.بالنسبة لقضية الميراث في الإسلام – ترى الدكتورة زينب – أنه يجب أن نضع أمام أعيننا القواعد المنظمة لذلك، والاعتبارات التي أخذ بها الإسلام عند توزيع الأنصبة بين الورثة ما تبين منه عظمة التشريع والعدل الإلهي وتكريمها عكس ما يشاع من أن المرأة لها نصف نصيب الرجل في الميراث وأن هذا الأمر دلالة على تدني مكانتها بالنسبة له هذا قول محض افتراء ولا سند له من الحقيقة ولا يقول به إلا من جهل حقيقة التشريع الإسلامي الرفيع..تشير الدكتورة زينب في بحثها عن (ميراث المرأة) إلى أن النظرة المتعمقة لفلسفة الإسلام في الميراث توقفنا على أن الإسلام يأخذ بعدة اعتبارات أخرى لا دخل للذكورة أو الأنوثة فيها.. وعند تطبيقها كما تجعل المرأة ترث النصف من ميراث الرجل، فإنها تجعلها في أحيان ترث بقدر مساوي له، وأحيانا أخرى ترث ضعفه، أو أكثر وفي أحيان ثالثة ترث هي ولا يرث نظيرها من الرجال..وتوضح الدكتورة زينب أن الورثة ينقسمون إلى أصحاب فروض وإلى عصبات وأصحاب الفروض هم المنصوص على أنصبتهم في القرآن والسنة، وهم المقدمون في الميراث وأن من يرث تعصيبا يأتي تاليا لأصحاب الفروض بعد استيفاء حقهم والعصبات غير محدودة أنصبتهم في الميراث وقد يكون نصيب من يرث تعصيبا أقل ممن يرث فرضا، وأحيانا يستوفي أصحاب الفروض التركة بأكملها ولا يكون هناك شيء يتم توريثه تعصيبا.والقرآن الكريم عندما ذكر أصحاب الفروض ذكر إثنى عشر فردا ثمانية من الإناث وأربعة من الذكور.النساء هن: الأم، الجدة، الزوجة، الابنة، ابنة الابن، الأخت الشقيقة، الأخت من أب، الأخت من أم، والرجال أصحاب الفروض هم: الأب، الجد، الزوج، الأخ لأم.من خلال هذا التقسيم – تقول الدكتورة زينب: إن الإسلام بسط حمايته في إعطاء حق الميراث لشريحة من النساء أكبر من الرجال.. وبذلك نقض التقليد الظالم الذي درج عليه العرب قبل الإسلام وهو التقليد الذي كان يقصر الميراث على المقاتلين من الرجال وحدهم.. وذلك عندما قرر حق المرأة من حيث المبدأ في الميراث من خلال الآية القرآنية (للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا) "النساء:7".ثم هو بعد هذا لم يكن تقرير حق الميراث للمرأة مثل الرجل.. بل نص على حق الميراث للمرأة مثل الرجل.. بل نص على حق الميراث لفئات من النساء ضعف ما نص عليه بالنسبة للرجل.هذا إلى جانب أنه عندما اعتبر أن الأخ من أم من أصحاب الفروض بالنسبة للرجال كان في هذا أيضا يبسط حمايته لفئة من الأفراد كانت محرومة من الميراث لنسبتهم إلى المرأة.. فالمرأة ومن ينتمون إليها بصلة قرابة لا حق لهم في الميراث في الجاهلية.. فجاء الإسلام لينقض هذا الأمر ويجعل للأخ من أم حقا في الميراث ثابتا بعد أن كان محروما منه.هذا إلى جانب أن الأخوة من الأم يرثون حظاً مساوياً بدون تفرقة بين الذكر والأنثى.وبعد هذه الأمثلة التي ساقتها الدكتورة زينب من الحماية المفروضة للمرأة وحقها في الميراث تنتقل الدكتورة زينب إلى الحديث عن القواعد الحاكمة بتوزيع الثروة لاعتبارات لا علاقة لها بالذكورة والأنوثة..فبالنسبة لدرجة القرابة إلى المتوفى.. كما كان الوارث أكثر قربا من المتوفي كان نصيبه من الميراث أكبر، فالابنة ترث أكثر من العم، وإن كانت أكثر من واحدة فلهما الثلثان والزوجة ترث الثمن والأم ترث السدس والباقي على قلته يرثه العم أو الأعمام، وبذلك يكون نصيب ابنة المتوفي أكثر بكثير من نصيب شقيقه وهو رجل..ومع هذه القاعدة تجد الدكتورة زينب استثناء لصالح المرأة حيث ترث الجدة لأم مثل الأب وهي أبعد منه صلة إلى المتوفي ومع هذا ترث مثله وهذا إكرام الإسلام للمرأة واستثناؤها من قاعدة الأقرب إلى الميت.أيضا ترث الأخت لأم نصيبا مساويا مع الأخ الشقيق بالرغم من أنها أبعد قرابة من الأخ الشقيق وهذا ما أخذ به من سيدنا عمر بن الخطاب وزيد وعثمان رضي الله عنهم بينما سيدنا علي بن أبي طالب وابن مسعود وأبي بن كعب وابن عباس وأبو موسى الأشعري رضي الله عنهم يعطون للأخت من أم نصيبها في الميراث ويحجبون الميراث عن الأخ الشقيق.وعن موقع الجيل الوارث من الجيل المتوفي.. تقول الدكتورة زينب: كلما كان الجيل الوارث أصغر سنا ومستقبلا للحياة كانت حاجته للمال أكثر لذلك كان ميراثه أكبر من الأجيال السابقة المدبرة.لذلك فإن نصيب الابنة في الميراث يفوق نصيب الجد وهي أنثى وهو ذكر حيث يكون نصيبها النصف إن كانت واحدة والثلثين أن كانتا اثنتين أو أكثر أما الجد فنصيبه السدس فقط.كذلك فإن نصيب الابن يفوق نصيب الجد وهما ذكران وقد يكون الجد هو السبب في تكوين ثروة ابنه المتوفي ونمائها وقد يكون الحفيد صغيرا في المهد.وأيضا إذا توفيت امرأة فالابنة ترث النصف والزوج يرث الربع والابنة أنثى والأب ذكر وهي ترث ضعفه.أما العبء المادي، وهو الذي يجعل ميراث المرأة على النصف من ميراث الرجل، حيث ترث المرأة نصف الرجل في أربع حالات فقط هي:# وجود البنت مع الابن: وذلك لقوله تعالى: (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين) "النساء: 11.# عند وجود الأب مع الأم ولا يوجد أولاد ولا زوج أو زوجة وذلك لقوله (فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث) فهنا فرض الثلث للأم والباقي الثلثان للأب.# وجود الأخت الشقيقة أو الأخت لأب مع الأخ الشقيق أو الأخ لأب، وذلك لقوله تعالى (وإن كانوا أخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين) "النساء: 176".# إذا مات أحد الزوجين وترك الآخر يكون الميراث على النحو التالي:عند عدم وجود أبناء.. الزوج يرث النصف أما الزوجة فترث الربع.عند وجود أبناء.. الزوج يرث الربع أما الزوجة فترث الثمن.وبعد أن عرضت الدكتورة زينب لهذه القواعد المنظمة للميراث والوضع الذي ترث فيه المرأة نصف ميراث الرجل، ترجع ذلك إلى التوازن بين الحقوق والواجبات، وبالنظر إلى الحالات الأربع على ضوء حق المرأة في الميراث وحقها في النفقة، نجدها في النهاية تتساوى مع الرجل أو تفضله حيث إنه مكلف بالنفقة الكاملة عليها وهي مرفوع عنها جميع التبعات المالية حتى أنها غير مكلفة بالنفقة على نفسها وأولادها، وأن ما تنفقه على نفسها أو أبنائها يدخل في حسابها صدقة مهما بلغ ثراؤها والرجل هو المكلف بكل الالتزامات المالية للمرأة.ثم تنتقل الدكتورة زينب رضوان إلى الحالات الثلاث الأخرى للميراث الحالات التي ترث فيها المرأة مثل الرجل والحالات التي ترث فيها المرأة أكثر من الرجل، والحالات التي ترث فيها المرأة ولا يرث الرجل.ففي الحالات التي ترث فيها المرأة مثل الرجل، حيث في حالة ميراث الأم مع الأب في حالة وجود ابن ذكر وزوج يحصل الزوج على ربع التركة والأب على السدس والأم السدس، والابن بقية التركة، وحالة تساوي الأب والأم مع وجود بنت واحدة وزوج يحصل الزوج على ربع التركة، والبنت نصف التركة والأب السدس والأم تحصل على السدس.وفي حالة تساوي الأب والأم مع وجود بنتين، فيحصل الأب على السدس، والأم السدس والبنتان على الثلثين.وهناك حالات تأخذ فيها الجدة مثل الأب مع كونها جدة لأم، وهي أبعد من الميت وهي نموذج للخروج عن معيار التساوي بين الرجل والمرأة في درجة القرابة لصالح المرأة – كما تقول الدكتورة زينب – مما يظهر مدى كرم الإسلام للمرأة مع كونها في هذه الحالة أبعد صلة بالميت من ورثته مثله على النحو التالي:إذا كان الورثة هم:أبا: يحصل على سدس التركة.أم أم: تحصل على سدس التركة.ابنا: يحصل على بقية التركة.أو إذا كان الورثة:أبا: يحصل على سدس التركة.أم أم: تحصل على سدس التركة.ابنتين: تحصلان على ثلثي التركة.أما في ميراث الإخوة لأم مع الأخوات لأم.. يقول الله تعالى: (وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث) "النساء: 12"وهذا النص يدل دلالة واضحة – مثلما تقول الدكتور زينب – على تساوى حظ المرأة مع الرجل إذا كان الإخوة من جهة الأم، وذلك على النحو التالي: إذا توفيت امرأة وتركت من ورثتها:زوجا: يحصل على نصف التركة، أمًا: تحصل على ثلث التركة، أخا لأم: يحصل على سدس التركة ولو كان مكانه أختا لأم تحصل على سدس التركة – أي أنها تتساوى معه في الميراث – زوجا: نصف التركة، أما: سدس التركة، أخا لأم وأختا لأم: شركاء في الثلث.وبالنسبة للمسألة المشتركة، والتي تكون إذا ماتت امرأة عن: زوج: يحصل على نصف التركة، أم: تحصل على سدس التركة، أختين لأم: تحصلان على الثلث، أخ شقيق: لا يحصل على شيء لأنه يرث تعصيبا بعد استيفاء أصحاب الفروض لأنصبتهم وهنا لم يتبق من التركة شيء فلا يرث وفقا للحديث الشريف (الحقوا الفرائض بأهلها فما بقى فلأول رجل ذكر).وكان يقضي بذلك سيدنا عمر وزيد وعثمان وعلي وابن مسعود وأبي بن كعب وابن عباس وأبو موسى الأشعري ولكن سيدنا عمر رجع عن هذا عندما اشتكى أخوة أشقاء لم يأخذوا شيئا من ميراث أمهم، فأشركهم عمر في الثلث مع الأختين.وتقول الدكتورة زينب: إن الأخ الشقيق هنا هو الأقرب درجة إلى الميت ورث مثل الأخت لأم وهي أبعد درجة وهذا مثال آخر للاستثناء المرأة من قاعدة القرابة لصالح المرأة.وبالنسبة لحالة تساوى الرجل والمرأة عند انفراد أحدهما بالتركة، حيث إذا مات أحد عن رجل أو امرأة واحدة تكون المحصلة الأخيرة هي أن يأخذ من بقى التركة كلها سواء أخذها الرجل كوصيته أم أخذت المرأة حظها بالفرض والباقي ردا عليها مثل إذا كان الورثة على النحو التالي: أبا: له كل التركة، ابنا: له كل التركة، أخا: له كل التركة، زوجا: نصف التركة + الباقي ردا عليه، خالا: كل التركة لأنه من ذوي الأرحام، عما: كل التركة تعصيبا، أما: ثلث التركة والباقي ردا عليها، زوجا: ربع التركة والباقي ردا عليها، خالة: كل التركة، عمة: كل التركة.وهناك نموذج آخر أوردته الدكتورة زينب رضوان، على التساوي في حالة إذا كان الورثة على النحو التالي:زوجا: له ربع التركة، ابنا: باقي التركة، زوجته: ربع التركة، أخا: الباقي، زوجته: ثمن التركة، بنتا: نصف التركة فرضا والباقي يرد عليها، زوجة: ربع التركة، أختا: نصف التركة فرضا والباقي يرد عليها. وهنا نجد أن الابن والبنت، والأخ والأخت تساويا في حظهما من التركة.ثم تعرض الدكتورة زينب لحالة تساوي الأخت الشقيقة مع الأخ الشقيق: إذا ماتت امرأة تركت من الورثة ما يلي: زوجا: له نصف التركة، أخا شقيقا: له البقية وهي نصف التركة ولو كانت مكانه أخت شقيقه: ترث أيضا نصف التركة مثل أخيها الشقيق تماما.وهناك حالة أخرى، إذا كان الورثة على النحو التالي: زوجا: ربع التركة، بنتا: نصف التركة، أخا شقيق: الباقي وهو الربع، أو زوجا: ربع التركة، بنتا نصف التركة، أختا شقيقة: الباقي وهو ربع التركة.تساوي الأخت مع الأخ الشقيق: زوج: يحصل على نصف التركة، أم: السدس، أخت لأم: السدس، أخ شقيق: السدس (وهو الباقي من التركة) هذا إلى جانب أن هناك ستة لا يحجب عنهم الميراث مطلقا ثلاثة من الذكور وثلاثاً من النساء وهم: الزوج، الابن، الأب، والزوجة، البنت، الأم.أما الحالات التي ترث فيها المرأة أكثر من الرجل، فتورد الدكتورة، الفروض الواردة في القرآن والسنة ومستحقيها.. ثلثا التركة: البنتان فأكثر، بنتا الابن فأكثر، الأختان الشقيقتان فأكثر، الأختان لأب فأكثر – النصف: البنت الواحدة، بنت الابن الواحدة، الأخت لأب الواحدة، الزوج – الثلث: الأم، الأخت، الأخ لأم – السدس: الأم، الجدة، بنت الابن، الأخت لأب، الأخت لأم، الأخ لأم، الأب، الجد – الربع: الزوج، الزوجة – الثمن: الزوجة.وبملاحظة ما سبق نجد أن أكبر الفروض في القرآن وهو الثلثان للنساء فقط ولا يحصل عليه الرجل، والنصف لا يأخذه من الرجال إلا الزوج عند عدم وجود فرع وارث وهو قليل الحدوث ويبقى النصف لأربع من النساء. والثلث تأخذه اثنتان من النساء هما الأم عند عدم وجود فرع وارث وتأخذه الأخوات لأم بنفس الشروط أما السدس فيأخذه ثمانية خمس من النساء، وثلاثة من الرجال.والربع يأخذه الزوج إذا وجد فرعاً وارثاً للزوجة وتأخذه الزوجة إذا لم يوجد فرع وارث وتأخذ الثمن إذا وجد فرع وارث.ويتضح مما سبق أن النساء ترث في سبع عشرة حالة بالفرض، بينما يرث الرجال في ست حالات فقط بالفرض.. وهذا الذي فرض للمرأة يجعلها ترث أكثر من الرجل في الحالات التالية:- الثلثان للمرأة أفضل من نصيب الرجل تعصيبا: فإذا ماتت امرأة وتركت ستين فدانا وكان ورثتها على النحو التالي: زوجاً: الربع 12 فدانا، أباً: السدس 8 أفدنة، أماً: السدس 8 أفدنة، بنتين: الثلثان 32 فدانا، نصيب كل بنت 16 فدانا، ولأن المسألة فيها عول تزيد فيها الأنصبة عن التركة فيخصم من كل بحسب نسبته، زوج: الربع 15 فدانا، أب: السدس: 10 أفدنة، أم: السدس 10 أفدنة، ابنان: الباقي تعصيبا 25 فدانا.- ولو ماتت امرأة عن تركة 48 فدانا والورثة على النحو التالي: زوج: نصف التركة 18 فدانا، أم: السدس 6 أفدنة، أختان شقيقتان: ثلثي التركة 24 فدانا (هذه المسألة فيها عول) كل أخت حصلت على 12 فدانا، المسألة فيها عول فالمسألة السابقة، زوج: النصف 24 فدانا، أم: السدس 8 أفدنة، أخان شقيقان: المتبقي 16 فدانا، كل أخ يحصل على 8 أفدنة.- النصف للمرأة أفضل من التعصيب للرجال: لو ماتت امرأة تاركة 156 فدانا يرث ورثتها ما يلي: زوج: الربع 36 فدانا، أب: السدس: 24 فدانا، أم: السدس: 24 فدانا، بنت: النصف 72 فدانا، (المسألة فيها عول) زوج: الربع 39 فدانا، أب: السدس 26 فدانا، أم: السدس 26 فدانا، ابن: الباقي 65 فدانا. وهنا أخذت البنت بالفرض 72 فدانا ونقص لحقها نصيب الزوج والأب والأم لأن في المسألة عولا، أما الابن الذي يرث بالتعصيب نصيبه 65 فدانا لأنه الباقي من أصحاب الفروض وهو أقل من نصيب البنت ونفس الأمر يحدث لو كان مكان البنت بنت ابن ومكان الابن ابن ابن.وإذا ماتت امرأة وتركت 48 فدانا وكان الورثة على النحو التالي: زوجاً: النصف 18 فدانا، أم: الثلث 12 فدانا، أختا شقيقة: النصف 18 فدانا (المسألة فيها عول) زوج: النصف 24 فدانا أما: الثلث 16 فدانا، أخ شقيق: الباقي 8 أفدنة.وهنا فارق واضح في الميراث حيث أخذت الأخت الشقيقة أكثر من ضعف الأخ الشقيق الذي ورث 8 أفدنة بينما أخذت هي 18 فدانا.الحالات التي ترث فيها المرأة ولا يرث نظيرها من الرجال: ومثال ذلك إذا توفيت امرأة وتركت 195 فدانا والورثة على النحو التالي: زوج: الربع 39 فدانا، أب: السدس 26 فدانا، بنت: النصف 78 فدانا، بنت ابن:السدس 26 فدانا. وهنا أخذت بنت الابن بفرض السدس 26 فدانا ولم يأخذ ابن الابن شيئا.حالة أخرى توردها الدكتورة زينب، التركة 84 فدانا والورثة على النحو التالي: زوج: النصف 36 فدانا، أخت لأب: السدس 12 فدانا، زوج: النصف 42 فدانا، أخت شقيقة: النصف 42 فدانا ، أخ لأب: الباقي تعصيبا، لاشيء.. وهنا أخذت الأخت لأب السدس فرضا (12 فدانا) ولم يأخذ نظيرها وهو الأخ لأب.هذه نماذج عرضتها الدكتورة زينب رضوان عن ميراث المرأة في الإسلام بما يدل على تكريمه لها ووضعها في مكانة رفيعة وأن حصولها على نصيب أقل من الرجل في حالات قليلة له فلسفته وإيجابياته على النحو السابق إيضاحه وأنه لا علاقة له بمكانة المرأة المساوية للرجل وتكريم الإسلام لها.
المرأة في المنظور الإسلامي ... بعض القضايا
د. زينب رضوان مقدمة:يعد وضع المرأة في أي مجتمع أحد المعايير الأساسية لقياس درجة تقدمه ولذلك فان تخلفها ينعكس أثره مباشرة على تفكير الرجل ومسلكه وبالتالي يشكل واحدا من أهم العوائق الحضارية التي تعرقل التنمية. وقد أسهمت الشرائع السماوية في التخفيف عن المرأة ورفع المظالم التي كانت تحيق بها، وجاء التشريع الإسلامي حيث قضى على مبدأ التفرقة بين الرجل و المرأة في القيمة الإنسانية ومنحها من الحقوق المادية والروحية ما رفع مكانتها إلى مرتبة لم تصل إلى مثلها في أرقى الأمم الحديثة... وجاءت تلك المكانة تطبيقا لمبادئه الأساسية في تنظيم المجتمع وهي مبادئ الحرية والمساواة والعدالة والتكافل الاجتماعي. يقع هذا الكتاب في ثلاثة فصول يدور الفصل الأول منه حول مبدأ المساواة في الإسلام و يتطرق في الفصل الثاني حول الطلاق وحضانة الطفل ليصل في الفصل الثالث ليتحدث في موضوع الشبهات حول مكانة المرأة ، وفيما يلي أجزاء الكتاب بشيء من التفصيل: الفصل الأول: مبدأ المساواة في الإسلام: جاء التشريع الإسلامي تصحيحا عادلا لمكانة المرأة في المجتمع، حيث قضى على التفرقة بينها وبين الرجل وكفل لها مساواة تامة معه، يقول سبحانه وتعالى ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها ) وكلمة زوج الواردة هنا - على إيجازها - عظيمة الدلالة على المساواة المطلقة ، فكلمة زوج في اللغة العربية تعني نصفين يطابق كل منهما الآخر تمام المطابقة بحيث يصنعان معا شيئا واحدا ، لذا فان القران الكريم ذكر المرأة على أنها زوج الرجل لا زوجة الرجل ، نقرأ قوله تعالى ( فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه ) كما وردت بصيغة الجمع ( وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا ) ، كما حمل الإسلام كلا من الرجل و المرأة مسئولية عمله ( ولتجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون ) . المساواة بين الرجل و المرأة في الحياة العامة: فقد قرر القران للمرأة أهلية تامة في جميع التصرفات المدنية والاقتصادية والشخصية، فجعل لها الحق في الإرث والهبة والوصية والدين وتملك العقار والتعاقد والتكسب والمصالحة والتقاضي، فللمرأة المتزوجة في الإسلام ثروتها المستقلة عن زوجها ولا يجوز له أن يأخذ من مالها شيئا ( ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا ) ولا يحل للزوج أن يتصرف في أموالها إلا إذا أذنت له ووكلته في إجراء عقد نيابة عنها. هذه المنزلة في الإسلام لم يصل إلى مثلها بعد أحدث القوانين في الأمم الديموقراطية، حيث تقرر قوانين الأمم الغربية أن تحمل المرأة بمجرد زواجها اسم زوجها وعائلته وتفقد اسم عائلتها، وكل ذلك يرمز إلى فقدان الشخصية المدنية للزوجة واندماجها في شخصية زوجها وهو ما لا يعترف به الإسلام. ولقد أعطى الإسلام حقوقا كثيرة للمرأة منها: حق التعليم: فلم يعطها الحق في طلب العلم فقط بل جعله فريضة واجبة عليها، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة ) كما أوجب على أمهات المؤمنين تعليم الذكور والإناث ما يتلى في بيوتهن، وقد قامت السيدة عائشة بدور كبير في هذا المجال، ومن شهيرات العصر الأموي زوجة الوليد بن عبد الملك التي اشتهرت بالفصاحة والبلاغة، كما بلغت المرأة في العصر العباسي مبلغا عظيما ...تنظم الشعر وتناظر الرجال في عهدي الرشيد والمأمون، كما مارست المرأة القضاء فقد تولت أم الخليفة المقتدر العباسي رئاسة محكمة استئناف بغداد. المشاركة في القتال: فقد قادت السيدة عائشة أم المؤمنين المسلمين يوم الجمل، وكانت عائشة حفيدة أبى بكر الصديق تناضل الرجال بالسهام والنبال، كما ساوى الإسلام بين الرجل و المرأة في نصيبهما من غنائم الحرب. حق المشاركة السياسية: حيث كانت المرأة تشارك وتحضر مجالس الحاكم، وتراجعه في قراراته، واعترافا بشخصية المرأة في نطاق الدولة أخذت منها البيعة مستقلة عن الرجل ، نقرأ قوله تعالى ( يا أيها النبي إذ جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ويأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف فبايعهن واستغفر لهن أن الله غفور رحيم ) المساواة أمام القانون: ساوت الشريعة الإسلامية بين الرجل و المرأة في العقوبة ( فالسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ) وفي التوبة، وفي الحد و أقامته ( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ) وفي واجب العمل الصالح. المساواة في حق العمل: حيث مارست المرأة في الإسلام وجوه النشاط السياسي والاجتماعي والعلمي والمدني والاقتصادي والنضالي المختلفة. * حقوق الرجل و المرأة في الحياة الزوجية: أولا : حق الزوجة: الحق في اختيار الزوج: فعن النبي صلى الله عليه وسلم ( لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن ) 2) عقد الزواج: وهو عقد رضائي يقوم على الإيجاب والقبول 3) حقوق الزوجة بعد العقد: أوجب الإسلام على الرجل أن يقدم للمرأة التي يريد الاقتران بها قدرا من المال ( و آتوا النساء صدقاتهن نحلة ) وهو حق خالص لها ليس لأبيها وليس لها أن تساهم به في منزل الزوجية، ويجب على زوجها توفير المسكن والملبس والمأكل والمشرب لها، وإكرامها وحسن معاشرتها. ثانيا: حق الزوج: فحق الزوج على زوجته الطاعة في غير معصية وان تحفظه في ماله ونفسها، وواجب المرأة تجاه زوجها يتمثل في القوامة ( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ) ومعنى القوامة هنا القيام على الأمر والمال ورعاية الأمور. الفصل الثاني: الطلاق وحضانة الطفل: حق الرجل في الطلاق: جعل الإسلام الطلاق من حق الرجل بسبب ما انفق من أموال لإتمام الزواج وما سينفقه مرة ثانية إذا تزوج ، وهو ملزم بإعطاء مطلقته مؤخر المهر ومتعة الطلاق وان ينفق عليها مدة العدة ، وإذا توفي زوجها أثناء العدة فهي ترثه ، وان ينفق عليها أثناء الحمل والعدة – إذا كانت حامل حتى تضع - وإذا كان الطلاق وقع قبل الدخول بالزوجة فأوجب الإسلام على الزوج أن يقدم نصف المهر لها ( وان طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم ) حق المرأة في الطلاق: فقد أجازت الشريعة أن تنص المرأة في عقد الزواج على أن يكون لها حق إيقاع الطلاق وقتما شاءت، فإذا لم تنص على ذلك وكرهت حياتها، أباح الإسلام الخلع وذلك بان تعطي الزوج ما أخذته منه باسم الزوجية. حق الزوجين في الحضانة: فإذا حدث أن افترق الوالدان و بينهما طفل فالأم أحق به، وسببه أن للأم ولاية الحضانة و الرضاع. شروط الحاضنة: فإذا لم تتوافر في الأم تلك الشروط سقطت عنها الحضانة وهي: العقل – البلوغ – القدرة على التربية – ألا تكون متزوجة بأجنبي عن الطفل، فإذا كانت متزوجة بعم الطفل مثلا فلا تسقط الحضانة. تخيير الصغير بعد انتهاء الحضانة: إذا بلغ الصغير سبع سنين أو سن التمييز ، فان اتفق الأب والحاضنة على إقامته عند واحد منهما أمضى الاتفاق، وان اختلفا خير الصغير فمن اختاره منهما فهو أولى به. الفصل الثالث: شبهات حول مكانة المرأة: ميراث المرأة: وهي من الشبهات التي يرون فيها دلالة على تدني مكانتها بالنسبة للرجل باعتباره على النصف منه، فالإسلام حين أعطى هذا الحق نقض تقليد العرب قبل الإسلام الذي يقصر الميراث على الرجال المقاتلين وحدهم فيضع مبدأ توريث المرأة ، ويعتبر جعل ميراث المرأة نصف الرجل نوع من التوازن العادل بين الحقوق والوجبات فالرجل هو المكلف بجميع الأعباء المالية ونفقات الأسرة، أما المرأة فمرفوع عنها تلك التبعات المالية. تعدد الزوجات: فقد كان تعدد الزوجات أمرا شائعا، فالزواج في الجاهلية كان مباحا بغير عدد كذلك التوراة فيها الإباحة لغير عدد محدد، وجاء الإسلام الذي واجه الموضوع بتشريع متدرج تحوطه شروط تجعل إباحته في النهاية حالة استثنائية لها مبرراتها ويصبح التعدد محصورا في الحالات التي تكون فيها الزوجة إما عاقرا أو مريضة، أما إذا كان الأمر خلاف ذلك فللزوجة حق الطلاق، وللزوجة الجديدة التي لم تعلم وقت زواجها بان زوجها متزوج من أخرى حق الطلاق. المرأة وتولي القضاء: فالسبب في عدم تولي المرأة هذا المنصب يتعلق بالمجتمعات التي قلصت دور المرأة وحقوقها في الإسلام، فقد تولت أم الخليفة المقتدر العباسي منصب رئيس محكمة استئناف بغداد، ووصلت المرأة لرئاسة محكمة النقض وهي أعلى مرتبة في السلك القضائي. شهادة المرأة: جعل الدين الإسلامي شهادة الرجل تعادل شهادة امرأتين وقد أوضح سبحانه وتعالى السبب في ( أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الآخر ) وقد قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادة المرأة الواحدة إذا كانت ذات ثقة، ففيما أخرجه البخاري أن عقبة بن الحارث تزوج ابنة يحيى بنت أبى أهاب فجاءت امرأة فقالت لقد أرضعتكما فسأل النبي فقال كيف؟ وقد قيل؟ ففارقها عقبة فنكحت زوجا غيره. فوضع المرأة في الشهادة كوضع الرجل وإذا منع الأخذ بشهادتها في بعض الشئون أمر لم يرد به نص صريح من قران أو سنة، وان شهادة الرجل تساوي شهادة امرأتين في سورة البقرة جاء بشان الدين لأجل واشتراط المرأتين أن تذكر إحداهما الأخرى، وهو يعني أنها امرأة أمية وسيلتها في استعادة ما سبق حفظه هو الذاكرة فإذا تغير الوضع تغير الحكم بالضرورة.
الفهم البشري هو المسؤول عن الحط من مكانة المرأة
القاهرة - من جاكلين زاهر: عقدت لجنة الثقافة في المجلس القومي للمرأة في مصر التي يرأسها الدكتور جابر عصفور ندوة تحت عنوان: «التمييز ضد المرأة في الخطاب الديني المعاصر» شارك فيها عضوة مجلس الشعب «البرلمان»، العميدة السابقة لكلية دار العلوم - جامعة القاهرة الدكتورة زينب رضوان، ورئيس اللجنة الدينية في البرلمان والعميد السابق لكلية أصول الدين في جامعة الأزهر الدكتور عبد المعطي بيومي, «الرأي العام» تابعت الندوة وفي ما يلي أهم ما جاء فيها:في البداية أوضح الدكتور جابر عصفور أن المقصود بـ «التمييز ضد المرأة في الخطاب الديني» هو التمييز ضدها في اطار الخطاب البشري حول الدين، وفي اطار التفسير الذي يفهمه البشر للدين، وهو -الخطاب الديني- خاضع للتحليل والمناقشة والفحص، مؤكداً أن آراء المحاضرين ماهي الا وجهات نظر شخصية لأصحابها حول الموضوع المطروح للمناقشة، ولأنها بالمثل آراء بشرية فهي قابلة للتحليل والمناقشة والاختلاف معها بحيث لا يعني حديث أي محاضر مهما بلغت قوته أنه الحق بعينه، أو أنه صحيح الدين الاسلامي الذي يجب اتباعه، بل هو وجهة نظر تعتمد على وقائع علمية يراها أصحاب الرأي مؤيدة له ولما يذهب اليه.وعرضت الدكتورة زينيب رضوان، وجهة نظرها التي أبدتها بالعديد من الصور القرآنية والأحاديث المؤيدة لحقوق المرأة، والتي توضح تكريم الدين الاسلامي والرسول (صلى الله عليه وسلم) للمرأة ومكانتها في المجتمع، وقالت:«ان المرأة في الخطاب الديني المعاصر تعامل معاملة لا تليق بها، ولا تليق بالاسلام كدين سماوي ولا بنصوصه الدينية المقدسة، ولا بتاريخ الاسلام العريق كدين للحضارة الانسانية» مؤكدة على أن هذا الخطاب الديني المعاصر الذي يتسم بالتمييز ضد المرأة «ليس نتاج السنوات الأخيرة فقط، وانما هو نتاج لتيارات سابقة ولحقب تاريخية كانت هي، للأسف، حقب التخلف والهزيمة في التاريخ الاسلامي»، مشددة على أن «الدين الاسلامي أعطى للمرأة الكثير من الحقوق، وبعضها لم تحصل عليه المرأة حتى في ظل أعلى الديموقراطيات»، وقالت: «الدارس لحقيقة التشريع الاسلامي سيجد أن الاسلام قد يكون متحيزا للمرأة وليس ضدها، وأن المرأة في الاسلام تأخذ- في أحيان كثيرة- من الحقوق أكثر مما يأخذ الرجل»، وأوضحت أن «الاسلام جاء بأربعة مبادئ أساسية هي: الحرية والمساواة والعدالة والتكافل الاجتماعي»، وقالت: «بناء عليه أصبح كل تشريع في حياتنا ما هو الا نموذج تطبيقي لهذه المبادئ الأربعة، وبناء عليه أيضاً ومن الناحية العقلية علينا أن نسلم أنه لا يمكن أن يأتي الله سبحانه وتعالى بمبدأ ثم يجعل تطبيقات التشريع في الواقع مناقضة لهذا المبدأ، فهذا لا يمكن أن يحدث اطلاقاً»، وأضافت: «لو حدث هذا فالمتهم هو عقلنا نحن وفهمنا للنص القرآني لأن الخطأ ليس في النص القرآني أو في السنة الصحيحة أو في التشريع، ولكن في التطبيق وما طرأ على الأخير من أمور أبعدته عن الخط الصحيح الذي جاء به الاسلام».ونبهت الدكتورة زينب رضوان الى أن هناك «عوامل عدة يجب التوقف عندها لفهم ما حدث من تغيرات في فترة محدودة زمنيا، فالاسلام عندما جاء كان وضع المرأة في الجزيرة العربية غاية في التدني، وكان وضعها أيضاً في الحضارات القائمة في ذلك الوقت كالفارسية والرومانية واليونانية متدنيا كذلك، فكان ينظر الى المرأة على أنها أقرب ما تكون الى العبد، أو على أنها أحبولة الشيطان، وجاء الاسلام بشريعته السمحاء وأعطى للمرأة الكثير من الحقوق طبقاً للمبادئ التي حملها من حرية ومساواة وعدالة وتكافل اجتماعي، ثم انقلب الأمر بسرعة حتى انه بعد تسع سنوات فقط من انتشار الاسلام في الجزيرة العربية تشكلت هيئة من كبار المستنيرين في ذلك الوقت وعقدت مجمعا لمدة يومين لتبحث اذا كان من حق المرأة أن تتكلم وتضحك، وهو الشيء الذي كان من وجهة نظرهم أمر غاية في التحرر، ولكنهم لم يستطيعوا الخروج بقرار حوله حينذاك». وترصد الدكتورة رضوان العوامل التي «قلبت الموازين وهبطت بوضع المرأة من القمة التي رفعها اليها الخالق عز وجل الى هذا المنحدر، الذي كان يناقش حول أحقيتها في الحديث والى ما نعيشه حاليا، بحيث يستقر في أذهان النساء قبل الرجال أنها هي في المكانة الأدنى من الرجل وأنها تابعة له، وأن هذا هو الأمر الطبيعي ولا اعتراض عليه» وتلاحظ رضوان، أولا: «ان الاسلام وفي فترة انتشاره السريع «ثلاثة وعشرين عاما» لا تكفي مطلقا لتغيير ميراث فكري عميق الجذور في كل المحيط الانساني، خصوصاً أن الفترة الأولى وهي «الفترة المكية» كانت مخصصة للعقيدة لمحاربة وإلغاء عبادة الأوثان والأصنام وتدعيم العقيدة الجديدة، ثم جاءت التشريعات فيما بعد في «الفترة المدنية» بصفة أساسية، وثانيا: أن عددا كبيرا من المشركين في مكة دخلوا الاسلام في السنوات الثلاث الأخيرة من حياة الرسول (صلى الله عليه وسلم) فلم تستقر في وجدانهم كل المبادئ الاسلامية بمعناها الحقيقي واختلطت ببعض المفاهيم التي كانت سائدة في الجاهلية، وثالثا: ان الاسلام انتشر بسرعة كبيرة ودخل في بلاد ذات حضارات وثقافات مختلفة كبلاد الفرس والروم والهند وكل ما كان يحيط بالجزيرة العربية وتلك البلاد لها حضارتها وثقافتها ودخل أهلها الاسلام لما حمله من مبادئ شريعته العدالة وما حمله من رحمة ومودة حتى ان أغلب الفقهاء كانوا من الموالي أي من البلاد التي تم فتحها وليسوا من العرب الأصلاء، وهؤلاء الفقهاء اجتهدوا وأحسنوا الاجتهاد، ولكن لا يستطاع بخاصة في الأمور التي لم يرد فيها نص صريح واجتهد الفقيه برأيه أن يخلصه تماما من ثقافته ومن بيئته التي نشأ عليها وتربى بحيث تنعكس كل هذه الثقافات والعادات الموروثة في بعض فتاواه أو بعض آرائه التي نادى بها».وقالت رضوان: «ان الله عز وجل قد جاء بمبدأ المساواة فالله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم: «يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة»، ومن آياته أيضا «وخلق لكم من أنفسكم أزواجا» ولا يوجد في القرآن الكريم كلمة «زوجة» على الاطلاق بل كلمة زوج، والمرأة هي زوج الرجل، والرجل هو زوج المرأة، والزوج هو النصف المطابق والمماثل والمتمم للنصف الآخر مثل التوأم بالضبط، اذن فهناك كلمة واحدة «زوج» وتحمل في دقة متناهية معنى التماثل والتطابق في القيمة الانسانية»، وتضيف الدكتورة رضوان: «يجب أن ننتبه الى بداية و نهاية الآية الكريمة الخاصة بالقوامة للرجال على النساء حيث تقول «الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض», وعندما نسمع, «الرجال قوامون على النساء» فهذا حكم في أول الآية، ولكن نجد «بما» في النصف الثاني من الآية، و«بما» كما هو معروف في اللغة العربية حرف من أحرف التعليل، وما يأتي بعده هو علة الحكم السابق، لأنه كما هو معروف أيضاً لدينا بعض الاحكام في القرآن الكريم معللة تعليلا معلنا والبعض الآخر معلل بصورة مضمنة، والبعض أيضاً غير معلل».وتشرح الدكتورة زينب رضوان: «أن كلمة (القوامة) تعني القيام على الأمر كنوع من التكاليف بالرعاية والحفظ والصيانة، والقائم على الأمر هو الشخص المكلف برعاية غيره وحفظه وصيانته والنظر في أمره لصالحه، وليست القوامة أبدا نوعا من السيادة لأنه بالأساس لا توجد سيادة من انسان على انسان غيره في ضوء مبدأ المساواة الذي جاء به الاسلام»، وتضيف: «في الآية المشار اليها العلة تكون في النص «بما فضل الله بعضهم على البعض», اذن هذا الحكم مبرره أن بعض الرجال يفضلون بعض النساء، ويمكن أيضا أن بعض النساء يفضلن على بعض الرجال»، وتتساءل: «وبماذا يفضل انسان على انسان آخر اذا كان مطلوبا منه أن يقوم على أمره», وتجيب: «بالمميزات الانسانية: كالعقل والعلم والذكاء والمال والقوة لان كل هذه الأمور هي التي تعين الانسان على القيام بأمر الآخر والنظر في ما يصلحه».ثم تنتقل الدكتورة زينب رضوان لآية أخرى يتم تفسيرها أيضا لصالح تفوق أو تميز الرجل وهي الآية الكريمة التي تقول «وليس الذكر كالأنثى» والواردة في «سورة آل عمران»، وتقول: «ان سبب وجود هذه الآية يأتي في سياق قصة امرأة آل عمران التي تشير السورة اليها، حيث كانت امرأة عمران عاقرا وتمنت على الله أن يهبها الذرية، وعندما حملت نذرت الى الله أن ما يولد منها سيكون في خدمة الأماكن المقدسة ظنا منها أنه صبي، ثم جاء المولود منها أنثى فقالت: «رب اني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى».وتواصل رضوان عرضها لتصدرها عن الآية فتقول: «طبقاً لتراث التوراة في اليهودية، كما سبق أن أشرنا، كانت المرأة ينظر اليها على أنها شيء «بخس» وبالتالي فهي ممنوعة من الاقتراب من الأماكن المقدسة فما نذرت امرأة عمران من أجله لا تستطيع الآن أن تحققه وذلك طبقاً للفهم السائد، ولكن الله عز وجل أبطل عليها هذا الفهم كما يشار في باقي الآيات فتقبلها ربها بالقبول الحسن وانبتها النبت الحسن»، ولكن للأسف نجد المفسرين يستخدمون الجزء الذي يريدونه فقط من الآية «وليس الذكر كالأنثى» كدليل على أن المرأة غير متساوية مع الرجل وكأننا نعود للتناقض مع مبدأ المساواة الذي جاء به الاسلام، ويمتد التفسير الخاطئ لفهم بعض الآيات بحيث يتم التدليل على تفوق الرجال على النساء، مثل القول في الآية الكريمة «وللرجال عليهن درجة» والواردة في سورة البقرة، والتي وضع الله بها نوعا من التشريع المتتالي المتعلق بأحكام الزواج والمعاشرة والطلاق والعدة والمتعة والحضانة والنفقة والرضاعة وكأنه قد وضع بها دستوراً متكاملا لينظم لنا حياتنا، وفي نهاية السورة يقول الله عز وجل «وللرجال عليهن درجة» وقد فسر سيد قطب - وهو رجل معروف عنه أنه ليس له أي ميول أو أي اتجاه خارج أو بعيد عن النص القرآني - تلك «الدرجة» المشار اليها في الآية الكريمة بأنها حق الرجل في اعادة الزوجة الى عصمته وليس لها هي هذا الحق، اذن فالدرجة هنا أمر متعلق بموقف معين وليس أمرا مطلقا، وذلك لأن الرجل عندما يطلق زوجته تترتب لها حقوق مادية كما يترتب لها بالأساس حقوق منذ بدء علاقة الزواج فإذا أراد أن يطلقها ثم يعيدها لعصمته فإنه في هذه الحالة سيدفع مهرا مرة أخرى وتترتب للمرأة حقوق أخرى، وتلك حريته وبيده فقط اذا أراد ارجاعها، ولكن اذا كان قد وقع لها نفقتها أو مؤخرها لكي يتخلص منها ومن علاقته معها فلا يعقل أن تعيده المرأة للعلاقة الزوجية، وهذا سيترتب عليه أن تستفيد هي ماديا من وراء هذا الأمر، فالرجل يدفع لكي ينهي العلاقة فلا يجوز أن يعود مرغما ليدفع مرة أخرى مثلما هي الحال عندما تطلق المرأة على الابراء أي على فداء نفسها، فلا يستطيع الزوج هنا أن يعيدها لعصمته لأنه يكون طلاقا بائنا فهي قد تنازلت عن المال فلا يستطيع أن يعيدها للحياة التي رفضتها وهذا نوع من التوازن بين الحقوق والواجبات بين الزوج والزوجة وليس تمييزا لأحدهما على الآخر».وتستمر الدكتورة زينب في تفنيد الآراء المنادية بأفضلية الرجل مثل ان الأبناء يُنسبون للزوج لا للزوجة، فتقول ردا على هذا الرأي: «ان نسب الأبناء للأب ما هو الا تعزيز للأم واعتراف بشرفها وكرامتها وكرامة ابنها لأن الأم عندما تحمل الكل يراها وكذلك عندما تلد فلا أحد يستطيع انكار بنوتها لابنها، بينما الأب لا يعرفه أحد، وعندما يعترف رجل بأن هذا الطفل ابنه وأن علاقته بهذه المرأة شرعية فهذا اقرار منه بشرفها وكرامتها وصيانة منه لهما وللابن وليس احتراما أو تفضيلاً للرجل على المرأة بل العكس هو الصحيح فهو مزيد من الاحترام للمرأة».وتضيف: الشيء نفسه في مسألة الميراث والتي يقال انها دليل على تمييز الله للرجال على النساء بدليل أن ميراث الرجل ضعف ميراث المرأة»، وتقول الدكتورة زينب رضوان: «ليس في كل الحالات يكون نصيب الرجل في الميراث ضعف نصيب المرأة، وانما هذا يحدث في حالات محددة ودقيقة جدا وهي حالة الاخوة الأشقاء وحالة الزوج والزوجة، حيث ان الله عز وجل قد حدد في سورة النساء والتي تعتبر القاعدة الأساسية في علم المواريث اثنتى عشرة فئة بالتحديد، وتم ذكر أنصبتهم بالتحديد ايضاً، وهم المقدمون في الميراث فاذا ما استوفوا التركة أصبح ليس لأحد الحق في الميراث معهم، أما اذا لم يوجدوا من الأساس فيأتي أصحاب العصبة ويأخذوا ما تبقى قليلا كان أو كثيرا, اذن فالحماية هنا مبسوطة بدون تحديد على أصحاب الاثنتى عشرة فئة المحددين في سورة النساء، وهناك من الاثنتى عشرة ثمانية للنساء وأربعة للرجال أي أن الحماية مضاعفة للنساء عن الرجال في تحديد الانصبة في الميراث لأنه بالأساس تقوم فلسفة الثوابت في الاسلام على القرابة وليس لها علاقة اذا كان الوارث رجلا أو امرأة، فكلما كان الشخص الوارث أكثر قرباً من المتوفى كان حظه في الميراث أعلى، وكذلك اذا كان مستقبلاً للحياة كان حظه أيضاً أعلى من المولى عنها، ثم هناك التوازن بين التكليف المالي والحق، ومثال على ما نذهب اليه هو أنه لو توفى شخص ما ولديه زوجة وابنتان ولديه اخوة ذكور واناث أعمام البنات، فسنجد أن الزوجة سوف ترث الثمن، والبنتان سوف يحصلان على الثلثين، والباقي وهو ما يقارب السدس، سيوزع على الأعمام الذكور والاناث بأنصبة محددة بغض النظر عن عددهم، واذا قارنا نصيب البنت بنصيب عمها فسنجدها قد تفوقت عليه من حيث نصيبها من الميراث وذلك لأنها الأقرب للشخص المتوفى، أما في ما يتعلق بأن الأخ يرث ضعف ميراث أخته فذلك لحكمة إلهية حيث ان الأخ مكلف بالانفاق على أخته، وكذلك الزوج على زوجته مهما بلغ ثراؤها وهذا نوع من التوازن الاجتماعي لا تمييزا للرجل على المرأة».أما الدكتور عبد المعطي بيومي فقد أكد في عرضه مدى «حرص الاسلام على المرأة وتعزيزه لمكانتها، والذي يتأكد من خلال وصية الرسول (صلى الله عليه وسلم) بهن في آخر لحظات حياته، حين قال: «الصلاة ,, الصلاة,, النساء,, النساء»، وكانت تلك آخر وصية من جانبه للمسلمين، وكان (صلى الله عليه وسلم) قد أوصى بالنساء أيضا في خطبة الوداع «واستوصوا بالنساء خيرا»، وحين قال أيضا «ولا يكرموهن الا كريم ولا يهينهن الا لئيم»، وأكد بيومي: ان المرأة في عهد الرسول (صلى الله عليه وسلم) كانت تتمتع بالمساواة الكاملة في الحقوق والواجبات كما يقول النص القرآني والذي لا يحتوي على أي تفرقة بين الرجل والمرأة والذي يقول «انني لا أضيع أجر عامل منكم من ذكر أو أنثى»، ويقول أيضا «يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة»، أي أن القرآن الكريم ينص على أن الرجل والمرأة من نفس واحدة ومن عنصر واحد».وأضاف: «لذلك وللفهم الديني الصحيح في عصر الرسول (صلى الله عليه وسلم) فقد كانت المرأة تتمتع بكل الحقوق، حتى اننا كنا نرى مناظرات بين بعض السيدات وبعض الصحابة، مثل التحاور الذي دار بين السيدة أم سلمة وعمر بن الخطاب والتي كانت تحاوره وتنكر عليه وينكر عليها، وكان لها صوت مسموع وعال، وفي وجود الرسول (صلى الله عليه وسلم) وكثير من الصحابة، بل انها كانت تشارك في الحياة السياسية وشاركت في مبايعة الرسول، أي أن شرعية الرسول كحاكم استمدها من مبايعة «مجلس تشريعي» كونه الرسول، وكانت المرأة مشاركة فيه، وقد بايع الرسول النساء أولا، وقد سجل القرآن الكريم ذلك في آياته التي تقول «يا أيها النبي اذا جاءتك المؤمنات يبايعنك على ألا يشركن بالله شيئا» وكان ذلك هو النص نفسه الذي بايع الرجال الرسول عليه، كما كانت المرأة تشترك في الجيوش بل وكانت تعمل مستشارة للرسول كما حدث في صلح الحديبية، كما كانت تروي الأحاديث ولم يكن يتم تجريحها مثل الرجال، فلا توجد امرأة واحدة جرحت في رواية الحديث، وقيل ان روايتها ليست صحيحة أو غير ضابطة أو ليست ثقة، كما كان يحدث للرواة الرجال، وحتى عندما جمع القرآن الكريم فقد استودع عند امرأة وهي السيدة حفصة بنت عمر، وظل عندها لمدة طويلة أي أن امرأة هي التي كانت مؤتمنة على أهم وثيقة في الاسلام وهي القرآن الكريم».ويضيف الدكتور عبد المعطي بيومي: «ان ذلك الفهم الديني والذي كان لا يميز في المعاملة بين المرأة والرجل في عهد الرسول كان طبيعة الاسلام نفسه، وذلك قبل أن ينتشر الاسلام في البلاد التي تم فتحها وقبل أن يتفرق المسلمون فيها ويتشعبوا ويختلطوا بأهلها بعاداتهم وثقافاتهم، حيث اختلطت التعاليم بالتقاليد وأثرت على الكثير من الفقهاء والمفسرين والذين ربما فسروا القرآن وهم متأثرون بثقافة بيئتهم، ولذلك رأينا المواقف تختلف بينهم، ليس حول المرأة فقط بل في بعض العبادات وفي بعض الأحكام الاسلامية، حيث كان دافع الثقافة الاسلامية مختلفا من جهة لأخرى، فمثلا في المدينة المنورة كان الامام مالك يختلف في الرأي عن الامام أبي حنيفة في العراق، ان الامام مالك كان يعيش في المدينة والتي كانت موقعا هادئا بعيدا عن الاختلاط بشعوب الدول التي فتحها الاسلام وثقافة وتراث هؤلاء، أما الامام أبو حنيفة فقد كان يعيش في العراق، والتي كانت مركز العالم الاسلامي حينذاك وتأتيها القوافل من الشرق والغرب، ولذلك تميز الأول بمدرسة النص والثاني بمدرسة الرأي».وأضاف: « على غرار ذلك كان الاختلاف بين الفقهاء حول المرأة والرأي فيها وأسلوب معاملتها، فمثلا كان الامام شمس الدين الرملي، يستنكر تولي المرأة للقضاء فيقول: «اذا ابتلي الناس بقاض امرأة أوثق أي عبدا رقيق أو أعمى هل يجوز له القضاء» أي انه وضع المرأة مع العبيد وغير المؤهلين للقضاء من المعاقين بينما كان الامام ابن حزم يرى أنه يصلح أن تتولى المرأة القضاء بلا أي محاذير».ولفت الدكتور عبد المعطي بيومي: «الى أن هذا الموقف المتفهم والمستنير لابن حزم دفعه لدراسة الأسباب التي كانت وراء هذا الموقف من «المرأة فوجد ان الذين أشرفوا على تربية ابن حزم كانوا جميعا من النساء» فالتي حفّظته القرآن الكريم امرأة، والتي علمته القراءة والكتابة امرأة، وحتى التي علمته حفظ الحديث كانت امرأة أيضا»، كما وجد بيومي أن الامام ابن حزم «كان يعيش في بيئة الحضارة الاسلامية في الأندلس وهي نبتة خضراء متسامحة متفتحة، ومن هنا كان لابد أن يكون فهم الفقيه للنصوص وتفسيره لها متأثرا بمقدار ثقافته وفي ضوئها».ويضيف الدكتور عبد المعطي بيومي: «ان ما يطلق عليه «عصر الحريم» لم يبدأ في عهد الرسول (صلى الله عليه وسلم) ولا في عهد الصحابة الراشدين، وانما بدأ عندما وصل الاسلام الى بلاد تنظر الى المرأة على أنها شيء من المحرمات ومن هنا جاء اسم «الحريم» وتأثر الفكر الاسلامي بهذه النظرة البيئية البحتة والتي لم يأت بها كتاب أو سنة، والدليل أن المرأة في عهد الرسول (صلى الله عليه وسلم) كانت كاشفة الوجه وتخاطبه ويخاطبها،وهناك أحد عشر حديثا صحيحا رواها البخاري تدل على أن النساء كن يكشفن وجوههن أمام الرسول، حتى ان الأحاديث تروي أنه قد جاءت لرسول (صلى الله عليه وسلم) مجموعة من النساء وبينهن امرأة سفعاء الخدين، أي أن بها حروق في الخد، فمن أين عرف الراوي أن بخديها حروقا الا اذا كانت كاشفة لوجهها، كما كان الرسول (صلى الله عليه وسلم) يعرف من هذه المرأة التي تأتي لزيارته ويعرف نسبها وأنها امرأة فلان أو عمة فلان، كما كانت النساء تصلي في عهده في الجامع دون وجود مكان مخصص لهن، واليوم وبعد مضي ما يقرب من 1500 عام على وفاة الرسول (صلى الله عليه وسلم) فان هناك اليوم مساجد خاصة بالنساء».ويكمل الدكتور عبد المعطي بيومي: «وكانت المرأة أيضا تحاور كبار الصحابة في عهد الرسول، أو في عهد حكم الصحابة الراشدين أنفسهم، وكلنا نعرف قصة المرأة الشهيرة التي عارضت عمر بن الخطاب، عندما حاول أن يحدد المهر بعدد من الأوقيات وما يزيد على ذلك ستصادره الدولة، فقامت امرأة، وقالت له ليس ذلك اليك لأن الله سبحانه وتعالى يقول:«وان أردتم استبدال زوج مكان زوج فلا تأخذن منه شيئا أتأخذونه بهتانا واثما مبينا» فقال عمر: «أصابت امرأة وأخطأ عمر».يؤكد الدكتور عبد المعطي بيومي ان «ما ذهبت اليه الدكتورة زينب رضوان في وجهة نظرها من أن كل مظاهر التمييز ضد المرأة، والتي نراها حاليا انما ترجع حقيقة للتقاليد والى التباس الأخيرة بالتعاليم، بالاضافة لانتشار العديد من الأحاديث دون أي سند صحيح لها، مثل «وهلك الرجال حين أطاعوا النساء»، بينما الرسول (صلى الله عليه وسلم) نفسه أطاع النساء في أمور كثيرة حيث كانت السيدة خديجة رضي الله عنها «وزيرا» للرسول، ، وكان الرسول يستمع لآراء النساء وفي أمور عامة تختص بالدولة مثل «صلح الحديبية» وفي معركة أحد انفض الرجال عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) في لحظة ما ولم يتبق الى جواره الا امرأة ظلت تتلقى السهام والنبال بصدرها دفاعا عنه وهي السيدة نسيبة بنت كعب».ويضيف الدكتور عبد المعطي بيومي: «قبل صدور قانون الخلع كان بعض الرجال يحاولون جعل المرأة كالبيت الوقف، وتظل سنوات عديدة تجري في أروقة المحاكم، وتنفق أموالها على المحامين سعيا للحصول على الطلاق».ويذكر الدكتور عبد المعطي بيومي: «عندما كان قانون الأحوال الشخصية في مصر يعد في المجلس القومي للمرأة، كان قد اقترح أنه اذا طلق الرجل زوجته طلقة رجعية فلا يحق له أن يرجعها لعصمته دون أن يستأذنها، وهو الأمر الذي تذكره المذاهب الأربعة ولهذا تم الاعتراض عليه من قبل بعض العلماء الأفاضل، فذكرت لهم أن مشكلات الزمن المعاصر لم يعايشها هؤلاء الفقهاء، ولو قدر لأحد منهم أن ينهض من قبره لجدد في مذهبه وغير فيه كثيرا وبما يتناسب مع ظروف العصر الحالي، والدليل أن الامام الشافعي بمجرد أن انتقل من بغداد للقاهرة غير آراءه في الكثير من الأصول، وفي التفسير وليس في الأحكام الفرعية فقط لدرجة أن النسخة الوحيدة المعتمدة من كتاب الامام الشافعي «الرسالة» هي النسخة المصرية وليست البغدادية، كما كان الامام الشافعي يقول لتلاميذه: «لا تكتبوا عني شيئا، فانني ربما أرى الرأي اليوم وأغيره غدا، وقد أغيره بعد غد»، كما رفض أن يسجلوا مذهبه وآراءه لأنها قابلة للتغيير وحتى لا يحجر فكر الأمة، ولم يرض أن يقر منها على الناس، وكذلك فعل الامام مالك عندما حثه كل من أبو جعفر المنصور وهارون الرشيد على أن يجعل كتابه «الموثق» على الرغم من امتلائه بالأحاديث فرضا على الناس لا يسعون لمخالفته فرفض ذلك بشدة، كما حدث أيضا مع الليث بن سعد، فقيه مصر والذي يقال ان تلاميذه ضيعوه حين لم يسجلوا مذهبه، وقد بحثت بنفسي فوجدت أن الامام الليث بن سعد هو الذي رفض أن يدون مذهبه، حتى لا يكون حجر عثرة أمام العقل الانساني الاسلامي، وحتى لا يأتي أحد ويقول: هذا هو رأي الامام في هذا الشأن ولا يسعـى لمخالفته باجتهاده، وفي ما يتعلق بموضوع ضرب المرأة وموقف الاسلام منه كدليل على تمييز الرجل عليه».قال الدكتور عبد المعطي بيومي: «ان الرسول (صلى الله عليه وسلم) قد أمر بالضرب لصنف خاص من النساء والذي لا ينفع فيه وعظ أو هجر في المضجع، فينتظر بدلا من أن يطلقها ويفرق بينها وبين أولادها فيضطر لهذا السلوك أو في حالة اذا وجد رجلا على فراشه، على أن يكون الضرب بالسواك وهو أشبه بالعصا الرفيعة الخفيفة غير المؤلمة أي أنه ضرب رمزي اذا صح التعبير».وفي نهاية الندوة عبر الحاضرون عن رغبتهم في أن ينشر هذا الفكر المستنير وخصوصاً في الأزهر الشريف معقل الدراسة الاسلامية حتى تخرج تطبيقات النصوص القرآنية الكريمة في صورة ممارسات حياتية لا يكون فيها تمييز ضد المرأة وبخاصة أن هذا الرأي المعتدل يمثل الأقلية وصفوة الباحثين والمجتهدين في أصول الدين فقط، ولا يمثل رأي الأغلبية ولا سيما في ظل حالة التردي الثقافي التي نعيشها والتي لا تتم فيها مراجعة المصادر الأصلية والاكتفاء بما هو بين أيدينا فقط.كما نبه الحاضرون كذلك الى موضوع تعلق الآراء الدينية بالتوجهات السياسية في بعض الفترات لأنه أحيانا يكون لدينا نظام سياسي يريد تحجيم المرأة لأن ذلك يخدم خططه الاقتصادية فاننا نجد كثيرا من المفسرين يفسرون القرآن الكريم أو الأحاديث بما يخدم تلك الخطط السياسية، وطالبوا أيضا بأن تتم مراجعة التأثيرات الناجمة عن تداول العديد من أشرطة الكاسيت على الأرصفة والدكاكين.كما نبه الحاضرون أيضا الى ضرورة الحفاظ على سمعة الشريعة الاسلامية في الخارج وخصوصاً في ظل ما يشاع خطأ عنها أنها قائمة على التمييز ضد الجنس, في حين أن كل الدساتير العالمية ومواثيق حقوق الانسان ترفض التمييز لأي سبب سواء كان جنسا أو دينا أو عرقا، كما أنها رغبة البعض في الاحتفاظ بمصالحهم عن طريق استخدام الفهم الخاطئ للدين كموقف القضاة في مصر الذين يرفضون تولي المرأة لمنصب القضاء تحت دعوى أن الاسلام يرفض ذلك، كما تم لفت النظر الى شيوع بعض المقولات المتخلفة التي استخدمتها النساء لقمع الرجال، بعد أن قام الرجال بقمعهن في البداية مثل «كيد النساء يغلب كيد الرجال» ما يؤسس لثقافة انشقاقية فيها الكثير من الخطر على المجتمع.كما طالبوا بأن يكون للمجلس القومي للمرأة في مصر دور في نقل هذا الفكر المستنير للعامة وأن يتصدى المجلس أيضا للرد على بعض الذين يفسرون الدين على حريتهم، وأن يتم استخدام الوسائل نفسها التي ينتشر بها فكر التمييز ضد المرأة كشرائط الكاسيت التي تباع قرب الجامعات وفي الأسواق وعبر الفضائيات ومواقع شبكة الانترنت لتكون وسائل لنقل الفكر الصحيح عن موقف الاسلام من المرأة والذي يميز مالا يتميز ضدها.